Wednesday, September 29, 2010

Thursday, August 13, 2009

تأثير الخليج على الحياة الاقتصادية الاجتماعية في كيرلا


تأثير الخليج على الحياة الاجتماعية في كيرلا:

جاء العرب للتجارة، التجارة تنمية المال، تنمية المال التغذية ، التغذية انعدام الفقر، إنعدام الفقر يجدد الحضارة ، الحضارة تصور الثقافة ، وعلى الثقافة تعدد الأمم.

جاء العرب إلى كيرلا، قبل الإسلام كما بين الطبري ......... رأوها بلادا افتعم فيه خير الله ونعمه، فسموها "خير الله" وندعوها كيرالا.

ولكن النعم والخير لم يفد سكانه، لأن البعض قد ملكه، والجًلّ قد تركه ، والملوك في النعم والعوام في الحرمان ، وصاحب الأرض هو الآمر ، وصاحب الزرع هو المطيع.

كما أنتم تعرفون ، ما يُعرفون إلا بالألقاب ، وما يرون مَن دونَه إلا أذلاّء، وما فهموا إلا أنهم أعباد ، وما خلقوا إلا أنـهم خدام.

جاء العرب مع المِلك والمال ، مع حرية التبادل والتصرف ، مع ثقافة جديدة في المُلك والمِلك، والإنفاق والاستمتاع ، والشراء والبيع، والكيل والميزان ، وفي الخرص والحرص، كل ذلك غيّر الأوهام ، وبدل الأقدار ، وباعد الغشاش ، وقارب الأعوان، وخالط القلوب ، وصاحب النفوس ، وقاسم الأرباح ، وصابر الأخطاء ، فأنفقوا على من خسروا، وهنؤوا على من ظفروا، وحرضوا على من رغبوا.

تأثير الخليج على المجال الديني:

فالإسلام جاء مع العرب، فالأخوة نمت مع الإيمان ، والتسوية شاعت مع الصحبة، والحرية نشرت مع الوحدة ، فازدهت الأراضي ، وازدهرت النبات، أثمرت الزراع، وازدوجت الكيال ، جُمعت المنتجات ، جُلبت الأسواق، صُفِّف التجّار ، رُفعت الضوضاء، عُدت الدراهم ، حُفظت الدنانير. زال الفقر، وجاء الرحب، أشبعت البطون، أدت الديون ، ونامت العيون، سكنت النفوس مع راحة الوجدان.

استيقظ النيام، دوروا الأبصار، شهدوا الحاضر، وذكروا الماضي، وفكروا الغد، وسارعوا إلى المستقبل، فبنيت المساجد، ورفعت المنار، ورجع الصدى من الأذان والصلاة، وتجاور المساجد بالمدارس، وأورد الأساتذة من الأجانب، ودُرّست العلوم في شتى المواضع، وأخرج العلماء الدنية والدنيوية من المعاهد.

أذن المؤذن من منار المساجد، الأرض من الأهل، والنقود من العرب، والبنّاء من الأهل، والنفقات من العرب، الموزع من الأهل، الموكّل من العرب، المصور أهلي، والمرشد عربي، وعلى هذا صارت المساجد كالهياكل صورة، وميزت المساجد من الهياكل عبادة. واختلطت العادات مع العبادات، وامتزجت الثقافة الأهلية بالثقافة الدينية، واحتلت العادات محل العبادات، وانتشرت البدع حتى لاتعرف بدعة، امتزجت الخرافات حتى لا تتميز من الدين خرافة.

الرجال في المساجد، وبعدها في المزارع، والنساء في البيوت، والأولاد في المدارس، والعلماء في المنابر، كلهم في الذكر والدعاء، والتعلم والتعليم، والتساؤل والتجاوب، والتعارف والتسامح، والتصاحب والتعاون.

سبحان الله! مرت الأعوام، تغيرت الأحوال، تفرقت الأشخاص، تبدلت المقاصد، تجمعت الصنوف، تولدت الأحزاب، قسمت المساجد، والمدارس، رفع الجدار في القلوب والنفوس، قطع الكلام بين الإمام والمأموم، غلبت الغيرة الصداقةَ، صرفت العيون عن الوجوه، وخُيِّرت التحيّات لشيعته، قصّرت السلام في حزبه، أبدلت السلام بالهمز، والمصافحة باللمز. معاذنا الله من شر هذا العصر.

لكن المدارس تعددت، والمساجد عُمِّرت في كل قرية، حتى لكل فرقة واحد أو أكثر، وتعددت المدارس مع المساجد، والأقوال مع الآراء، والأعمال مع الأقوال ، والنشاط مع الالتزام ، كل حزب بما لديهم فرحون. فتغيرت الوجدان، وتجددت الأفكار، تصرفت الطرق. فتقدمت الأمة بمسابقة الأحزاب، بدايته من الخليج، ونهايته في البلاد،ومحاورته في الخليج أمام الأمير أوالشيوخ، والصدى في البلاد، والإفادة للعباد، والنموّ للمجتمع، والارتقاء للأمة دينيا ودنيويا.

تأثير الخليج على المجال العلمي:

ما جاء العرب إلا تجّارا، ثم صاروا دعاة ، وصار الدعاة مدرسين، مدرسي القرآن والسنة، في عربيّ مبين ، ولم يعرف كيرلا إلا لغتهم الأم ، فدرسوا اللغة ، لغة القرآن الكريم ، بعضهم تسطحوا وبعضهم توسطوا ، وبعضهم تعمقوا، فقرأ من تسطح ، وفهم من توسط ، وألف من تعمّق. فتولد الخطوط، فتفاهم العلوم، فكًتبت المقالة، ونشرت الرسالة، فاحتاجوا إلى الطباعة، فاستعاروا من غندارت، وأبدعوا خطا جديدا، باسم خط فنّاني، فتقدم الأمراء ، فتشجع العلماء ، فتخلف الجهلاء ، بالفتاوى الحمقاء، بل المصلحون إلى الأمام ، ما خافوا لومة لائم ، بل نهضوا بقريحتهم ، وجالوا خطباء ، ونشروا الرسالة ، وكتبوا المقالة ، وألفوا الكتب، وأنشدوا الشعر، ونظموا القصيدة ، مدحا ورثاء، وعظة وتحذيرا، فصاروا علماء ، مشهورا ومكروما، وصاروا أدباء ، شعريا ونثريا ، وصاروا أمراء ، آمرين وناهين ، وصاروا مصلحين ، راجيين وراغبين، رضى الله ورقى الناس، لا أقول أسماءهم ، لعجزي على كثرتهم ، إن أعدهم لا أحصوهم ، بل أذكرهم مع الدعاء، من البداية إلى النهاية ، تقبل الله أعمالهم ، وغفر الله ذنوبهم.

جمعت المقالات، نشرت الرسائل، وكثرت المؤلفات، دينية ودنيوية، علمية وأدبية، فيها جميع المواضيع، ما خلا منها صغير أو كبير، جديد أو قديم، فاستيقظ النائم، ونهض الغافل، وعلم الجاهل، وعمل الكسلان، ودرس الأولاد ، فرح الآباء ، أم العلماء، قاد الأمراء ، نصر الوزراء، أنفق الأغنياء ، لاسيما من في الخليج ، بلدي وخارجي ، فرفعت المدارس ، ابتدائي والثانوي ، والكليات العربية والأدبية ، والمهنية والتدريبية ، في البكالورية والماجستير والدكتورة، في مجال العام والخاص.

كل هذا من تأثير الخليج، من غنى الأمة بدينار الكويتي، أوبريال السعودي، أو بأي نقود عربي، مباشرا أو غير مباشرا. كنا مخرجين، من مجال العلم مطرودين، وكنا جاهلين، عن أهمية العلم غافلين، وكنا مساكين، على نفقات العلم عاجزين، بالنسبة إلى غيرنا فارغين، بل الآن نحن أغنياء، بالمال والطول أقوياء، بل في المجال ضعفاء، إن كلنا به علماء.

تأثير الخليج على المجال الإقتصدي:

قبل القرون ـ لا قبل السنين ـ ما نرى في كيرالا من البيوت إلا الكوخ، ومن الشوارع إلا الأزقة ، ومن الأراضي إلا الحقول، ومن الجداول إلا الوسائل ، للعيش والكسب، بالصيادة والسقاية ، ومن الإنسان إلا المجد ، أكثرهم الفلاّح ، المتدلي بوحل التراب ، المكتف بالمحراث ، مبلل الحرث بالعرق المسيل ، مظلل الزرع من شمس الزوال.

هاجرت كيرالا إلى الخليج، امتلأ الجيب بالدرهم والدنانير، بالريال والدولار، المطيّبة بريح بترول، فتغيرت الأحوال ، تقلبت المقاصد ، وتجددت الرؤيا، وتخاصموا على البيئات، وغلبوا على القديم، وجلبوا الجديد ، تبدلت الراديو بالمسجّل، والمحورة المصاحبة بالتليفزيون ، والكتب بالشبكة ، والكوخ بالمباني الضخم ، والحقول بمصانع شتى، والمحراث بالجوالة، والوحل بالمرمر ، وريح العرق بعطور الخليج، والأزقة بالشوارع المزدحمة، والجداول بمراكز السياحة والغواية، الرجال في الخليج، والنساء في الأسواق، والأولاد في مقهى انترنت.

كيرلا في فرح وترف ، وفي لعب ولهو ، وجد وكد، كل شيء ممكن ، وكل حرب جائز، أمامنا طعام ،أنواعها عدة، ولذتها جدة، لباسنا لين، وألوانها زين، أنواعها مزيد، لأن جيوبنا مالئ، وقلوبنا ثابت، وأيدينا قوي، وعيالنا غني، وأولادنا نشيط .

فنادى منادي ينادي الأزمة، الأزمة قوا أنفسكم و أهليكم منها، الآن العالم تولت، إلى القرون تأخرت، والمصانع قد جمدت،الشركات قد قفلت، المهنة قد عدمت، العمال قد رجعوا، والأهالي قد نكبوا، الوزراء قد ندموا، والعلماء قد دعوا ، الأزمة في الخليج والنكبة في كيرالا، الجمود في الخليج والرجوع إلى كيرالا. رفع في الخليج رنة الإغلاق، رفعت في كيرالا شدة الزفرات.

لكل شيء أثران، إيجابا وسلبا، نفع الخليج أكثر من إثمها، ومن نفعها التغير والتقدم، تقدم الأمة من ضيق الفقر إلى وسع الغنى، من ظلمة الجهل إلى نور العلم، من سخرية التخلف إلى عزة التقـدم، من سلاسل العبودية إلى فضاء الحرية، دينية وعلمية، واجتماعية وسياسية، فكرية ومهنية، وانتشر أهل كيرلا في أفق العالم، طالبا ومعلما، عاملا وموظفا ، بائعا ومشتريا، فاختلط الأشخاص ، تبادل الأخبار، تفاهم الأشياء ، فكثرت الجمعيات الإحسانية والأمانات الخيرية ، كل هذه دفعت الأمة إلى الأمام ، وجلبت الأمة إلى الرقي.

ومن آثامها كثرت الأراضي وقلت المزارع، كثرت المباني وقلت الأشجار، كثرت الفلوس وقلت الكسب ، كثر الإنفاق وقل الإيراد، كبر الظاهر وقصر الباطن ، احتلت الأمم المدن واختلت من القرى ، تغيرت أساليب الحياة ، فتراكمت أسماء أمراض ، فتعددت أقسام المستشفيات ، فتسابق الطلاب أن يكونوا أطبّاء ، فأسرع الآباء إلى البنوك ، وأخيرا إلى الانتحار.

بل الغد باب الرجاء ، الأمة في سبيل الرقي ، وكادوا إلى مقصدها ، بل ما وصلوا إلى غايتها، والله يقدرها ويرحم أهلها.